في الآونة الأخيرة، أثارت الطبيبة المصرية وسام شعيب ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشرها مقطع فيديو تحدثت فيه عن حالات حمل غير شرعي تعاملت معها في عيادتها. وقد أثار هذا الفيديو ردود فعل غاضبة وانتقادات حادة، حيث اعتبره البعض إفشاءً لأسرار المرضى وانتهاكًا للخصوصية. تبع هذه الضجة تحقيقات جنائية انتهت بحبسها احتياطياً، فيما أحالتها نقابة الأطباء إلى التحقيق. يعكس هذا الحدث أهمية الحفاظ على أخلاقيات المهنة الطبية وحماية حقوق المرضى، وسط جدل حول حدود حرية التعبير على منصات التواصل الاجتماعي.
القصة الكاملة لفيديو الطبيبة وسام شعيب
بدأت القصة عندما نشرت وسام شعيب، طبيبة أمراض النساء، مقطع فيديو تحدثت فيه عن حالات حمل غير شرعي قابلتها في عملها. ومن بين الحالات التي تحدثت عنها، كانت حالة قاصر تبلغ 14 عامًا في شهرها الثامن من الحمل، حيث وجهت انتقادات لأسرتها واتهمتهم بالتقصير في تربيتها. كما ذكرت واقعة أخرى لسيدة لجأت إلى الزواج العرفي لإثبات نسب مولودها. ودعت في نهاية الفيديو إلى أهمية إجراء تحليل DNA للتأكد من نسب الأبناء.
أثار الفيديو موجة غضب على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد من المعلقين أن تصريحات الطبيبة تمثل انتهاكاً لخصوصية المرضى، خاصة أنها تناولت قضايا حساسة بشكل علني. ومع تزايد الضغوط، قامت الطبيبة بحذف الفيديو لاحقاً ونشرت مقطعاً آخر تدافع فيه عن موقفها، موضحة أنها لم تذكر أسماء أو تفاصيل تشير إلى هوية المرضى. إلا أن ردها لم يكن كافياً لتهدئة الجدل، إذ اعتبر الكثيرون أن حديثها يمس بكرامة المرضى وخصوصيتهم.
استنكار حقوقي وتصريحات نهاد أبو القمصان
انتقدت المحامية والحقوقية نهاد أبو القمصان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، الفيديو المتداول، واعتبرت أن ما قدمته الطبيبة يمثل إهانة لجميع الفتيات، وتعميمًا لسلوك إجرامي على أنه سلوك شائع. وأشارت أبو القمصان إلى المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، التي تجرم نشر أي محتوى يمس بكرامة الآخرين ويؤدي إلى الإضرار بالنظام العام. وأكدت على ضرورة الاعتماد على إحصائيات رسمية عند تناول قضايا حساسة كهذه، مشددةً على أن التعميم في مثل هذه الحالات يضر بسمعة الأسرة المصرية ويؤثر على الثقة بين الطبيب والمريض.
التدخل الأمني والقرار القضائي بحبس الطبيبة
أوقفت الأجهزة الأمنية الطبيبة وسام شعيب بعد استجواب استمر لساعات، حيث وُجهت لها تهم تتعلق بتكدير السلم العام والإساءة للمجتمع، وكذلك إساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وفقًا للتقارير المحلية. وقد أمرت النيابة العامة بحبسها لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيق، في خطوة تستهدف محاسبة من يتجاوز حدود الخصوصية المهنية.
النيابة الإدارية والنظر في خرق أخلاقيات مهنة الطب
أصدرت النيابة الإدارية بياناً أشارت فيه إلى أنها بصدد التحقيق في محتوى الفيديو للتحقق مما إذا كان يشكل خرقًا لأخلاقيات مهنة الطب، وانتهاكًا لحقوق المرضى. وأوضحت النيابة أن هناك حاجة للنظر في كيفية تعامل الأطباء مع المرضى ضمن إطار أخلاقي يحفظ كرامتهم. يأتي هذا التدخل لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تمس ثقة المرضى بالأطباء، وتعزز من التزام المهنة الطبية بالمبادئ الأخلاقية.
موقف نقابة الأطباء من الفيديو
بدورها، أعلنت نقابة الأطباء عن تلقيها شكاوى عديدة ضد الطبيبة وسام شعيب، ووصفت هذه الشكاوى بأن الفيديو يمثل تعديًا على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري، بالإضافة إلى التشهير بالمرضى. وأكدت النقابة أنها ستتخذ إجراءات تأديبية صارمة إذا ثبتت مخالفة الطبيبة لقواعد آداب المهنة. وقد أصدرت النقابة بياناً استنكرت فيه ما وصفته بـ”الأفعال الفردية التي تسيء لسمعة المهنة”، مؤكدة التزامها بحماية حقوق المرضى والحفاظ على ثقة المجتمع في المهنة الطبية.
الجدل حول حرية التعبير في منصات التواصل الاجتماعي
أثار فيديو وسام شعيب نقاشاً أوسع حول حدود حرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصةً بين أصحاب المهن الحساسة كالأطباء. يرى البعض أن الأطباء وغيرهم من العاملين في المجالات ذات الصلة بحقوق الآخرين يجب أن يكونوا أكثر حذراً عند تناول القضايا التي تمس الحياة الخاصة للناس. بينما يدافع آخرون عن حرية التعبير كحق أساسي، إلا أن هذه الحرية يجب أن تكون مقيدة بحدود تحافظ على الخصوصية وحقوق الأفراد.
الخاتمة
تكشف واقعة فيديو الطبيبة وسام شعيب عن تحديات جديدة يفرضها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مجالات حساسة كالمجال الطبي. وفيما تتخذ السلطات خطوات لتحقيق العدالة، تظل قضية حماية الخصوصية وأخلاقيات المهنة الطبية ضرورية لضمان احترام حقوق المرضى. إن تفاعل نقابة الأطباء والنيابة الإدارية مع هذه القضية يعكس أهمية حماية حقوق المرضى وضمان التزام الأطباء بأخلاقيات المهنة، ليبقى الثقة بين الطبيب والمريض في أعلى مستوياتها.