أثار إعلان الحكومة الكويتية مؤخراً إسقاط الجنسية عن رجل الأعمال الشهير معن عبد الواحد الصانع، إلى جانب أربعة أشخاص آخرين، جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والاقتصادية. واستند هذا القرار إلى نص المادة 11 من قانون الجنسية الكويتي رقم 15 لسنة 1959، والتي تعطي الدولة الحق في إسقاط الجنسية في الحالات التي تتعلق بالمصلحة العامة أو وجود مخالفات قانونية.
وفي هذا المقال سنلقي الضوء على شخصية معن الصانع ومسيرته المثيرة للجدل وتفاصيل قضيته الاقتصادية والأسباب التي دفعت الحكومة الكويتية إلى إسقاط جنسيته.
من هو معن الصانع؟
ولد معن عبد الواحد الصانع عام 1955، وبدأ مسيرته المهنية طياراً في الجيش الكويتي في بداية السبعينيات، إلا أنه سرعان ما ترك المجال العسكري واتجه للعمل في المملكة العربية السعودية بعد زواجه من مواطنة سعودية تنتمي إلى عائلة القصيبي الشهيرة. كان هذا الزواج بداية فصل جديد في حياته، حيث أسس إمبراطورية مالية ضخمة من خلال مجموعة “سعد” التي تنوعت أنشطتها بين العقارات والتمويل والتجارة.
إنجازاته ومسيرته المهنية
في بداية الألفية الثانية، أصبح معن الصانع أحد أبرز رجال الأعمال في منطقة الخليج، ومن أهم إنجازاته:
تأسيس مجموعة سعد التي تملك حصة كبيرة في مجموعة بيركلي البريطانية.
شغل مناصب بارزة مثل عضو مجلس إدارة مجموعة سامبا المالية، ونائب رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في المنطقة الشرقية.
احتل المرتبة 112 في قائمة أغنى أغنياء العالم لعام 2007 من قبل مجلة فوربس، بثروة بلغت 10 مليارات دولار.
لكن هذه الإنجازات كانت مجرد واجهة لقصص مالية وقانونية معقدة كانت تجري خلف الكواليس وتهدد هذا النجاح الباهر.
الحالة الاقتصادية: انهيار مجموعة سعد
في عام 2009 تعرضت مجموعة سعد ومجموعة القصيبي التابعة لعائلة زوجة معن الصانع لأزمة اقتصادية ضخمة هي الأكبر في تاريخ منطقة الخليج، وبلغت الديون المتراكمة على المجموعتين نحو 20 مليار دولار، وبدأت الخلافات القانونية بين الطرفين عندما اتهمت عائلة القصيبي معن الصانع باختلاس 9 مليارات دولار من أموال المجموعة والسيطرة بشكل غير قانوني على إدارتها، رغم استقالته الرسمية.
تداعيات الأزمة
اعتقال معن الصانع: في أكتوبر 2017، تم اعتقال معن الصانع في المنطقة الشرقية بالسعودية لعدم سداد ديونه.
بيع أصوله: بيعت أصوله في مزادات علنية ابتداء من عام 2018، وشملت هذه الممتلكات عقارات ومجمعات سكنية وتجارية ومزارع. وقدرت القيمة الإجمالية للبيع بما بين مليار وملياري ريال سعودي (267-533 مليون دولار).
أسباب سحب الجنسية الكويتية من معن الصانع
على الرغم من أن معن الصانع يحمل الجنسية السعودية، إلا أنه يحمل الجنسية الكويتية التي سحبت منه مؤخرا. ولم تصدر الحكومة الكويتية بيانا تفصيليا يوضح الأسباب المباشرة لسحب جنسيته، ولكن يمكن الاستدلال عليها استنادا إلى المادة 11 من قانون الجنسية، التي تنص على إمكانية سحب الجنسية إذا تعارضت مع المصلحة العامة أو ارتكب حاملها مخالفات قانونية جسيمة.
الأسباب المحتملة:
القضايا المالية:
كان معن الصانع متورطا في أزمة اقتصادية كبيرة وديون ضخمة أدت إلى انهيار مجموعات تجارية كبرى في الخليج.
شبهة التزوير: تشير التقارير إلى أن الحكومة الكويتية تنفذ حملة واسعة لسحب الجنسية من الأفراد الذين حصلوا عليها بشكل غير قانوني، وقد يندرج معن الصانع ضمن هذه الفئة.
المصلحة العامة: نظراً لحجم القضايا الاقتصادية التي رفعها الصانع وتأثيرها السلبي على سمعة الكويت، فإن القرار قد يكون جزءاً من جهود الكويت لحماية مصلحتها العامة.
قرارات مماثلة وسياق أوسع
يأتي سحب جنسية معن الصانع في سياق حملة واسعة تنفذها الكويت منذ سنوات، بهدف إعادة النظر في منح الجنسية وإسقاطها عن الأفراد الذين لا يستحقونها أو حصلوا عليها بطرق غير مشروعة. ومؤخراً، قررت اللجنة العليا للتحقيق في الجنسية الكويتية سحب وإسقاط الجنسية عن أكثر من 1647 فرداً، بعد اكتشاف حصولهم عليها بالتزوير والاحتيال.
أسماء الأشخاص المشمولين بالقرار:
وبحسب منصة “المجلس”، فإن الأسماء الخمسة التي شملها القرار هي:
أمانة علي محمد عبدالله الحمادي
حنان هيف مرج هيف العتيبي
سارة فرح دبيل ضويان العتيبي
معن عبد الواحد عبد المجيد عبد الحميد الصانع
عبدالرحمن نادي خلوي قائمان العتيبي
أبعاد وتداعيات القرار
على المستوى الشخصي:
إن فقدان الجنسية سيحرم معن الصانع من حقوقه كمواطن كويتي، مثل الحماية القانونية والحقوق الاجتماعية.
وقد يواجه صعوبات إضافية في تسوية وضعه المالي والقانوني.
على المستوى الاقتصادي:
قد يؤثر القرار على مصداقية معن الصانع ونفوذه في مجال الأعمال، خاصة أنه يتمتع بسجل مالي مثير للجدل.
على المستوى الاجتماعي والسياسي:
يسلط القرار الضوء على أهمية تطبيق القوانين بشكل صارم لضمان العدالة ومنع التلاعب بالجنسية، مما يعزز صورة الكويت كدولة قانون.
في الختام:
تقدم قصة معن الصانع نموذجًا حقيقيًا للصعود الكبير والانهيار السريع في عالم الأعمال. فعلى الرغم من نجاحه المذهل في بناء إمبراطورية اقتصادية، إلا أن التورط في قضايا مالية ضخمة ونزاعات قانونية أدى إلى زوال هذا النجاح، وأخيراً إلى فقدان الجنسية الكويتية.
إن قرار سحب جنسية معن الصانع ليس مجرد إجراء قانوني، بل يعكس التزام الكويت بتطبيق قوانينها بشكل صارم وحماية مصلحتها العامة. وتظل هذه القضية مفتوحة للتأويلات والأسئلة حول مدى تأثيرها على مستقبل معن الصانع ووضعه القانوني والمالي.